على مدى العام الماضي، ظهرت العديد من التقارير التي اتهمت إسرائيل بإطلاق ذخائر الفسفور الأبيض عبر الحدود على جنوب لبنان. وقد أظهر تقرير لوزارة الصحة اللبنانية أن 257 شخصًا أُصيبوا جراء استنشاق الفوسفور الأبيض، جنوبي البلاد، منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت حتى نهاية سبتمبر الماضي. وقالت الوزارة، إن أعراض الإصابة بهذا السلاح المحظور قد تظهر على جسم الإنسان بعد سنوات.
وفي حزيران الماضي، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن استخدام الفسفور الأبيض من قبل إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان "يعرض المدنيين لخطر جسيم ويساهم في تهجير المدنيين".
ووثقت المنظمة ذاتها استخدام القوات الإسرائيلية ذخائر الفسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل جنوب لبنان منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خمس منها استُخدمت فيها ذخائر متفجرة جوا بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة.
ما هو الفوسفور الأبيض؟
ووفقاً للمنظمة، فإن الفسفور الأبيض مادة كيميائية مستخدمة في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ، وتشتعل عند تعرضها للأكسجين.
تسبب آثارها الحارقة الوفاة أو الإصابات القاسية التي تؤدي إلى معاناة مدى الحياة. يمكنها إشعال النار في المنازل والمناطق الزراعية وغيرها من الأعيان المدنية.
بموجب القانون الإنساني الدولي، استخدام الفسفور الأبيض المتفجر في المناطق المأهولة بالسكان هو عشوائي بشكل غير قانوني، ولا يفي بالمتطلبات القانونية لاتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين.
شهادات من جنوب لبنان
يصف أحمد، المزارع في بلدة كفركلا (50 عاماً)، رائحة البوسفور الأبيض بأنها "سيئة جداً ولا يمكن تحملّها". ويستذكر كيف وحد نفسه محاطاً بسحابة كثيفة من الدخان الأبيض "وسرعان ما بدأت الدموع تنزل من أعيننا، وشعرنا للحظة أننا كدنا نختنق، ونفقد حياتنا".
يُشير أحد الأطباء في المستشفى اللبناني الإيطالي المحاذي لمدينة صور، في حديث لـ"نفس"، أنه "عالج العديد من الحالات التي وصلت إلى المستشفى بعد أن تعرضت للفسفور الأبيض"، موضحاً أن "ما يؤكد تعرضهم لهذا السلاح هو فحوصات الدم". أما عن عراضه، فيلفت إلى أنها "عدم انتظام ضربات القلب والتعرق والاختناق الشديد وغيرها من الأعراض".
كما يوضح أن "أعراض الإصابة بالفوسفور قد تتأخر في الظهور، وقد تؤدي إلى التأثير على عمل الأعضاء الحيوية بالجسم". كما قد يُسفر عن "حروق مباشرة في الجسد".
"اليونيفيل" والبوسفور الأبيض
ووفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز"، فإن القوات الإسرائيلية نفذت على الأقل 12 هجوماً مستهدفاً موثقاً ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، بما في ذلك استخدام الفوسفور الأبيض بالقرب من قواعد الأمم المتحدة، مما أسفر عن إصابة 15 جنديًا، وتسبب في أضرار كبيرة للبنية التحتية.
وفي هذا السياق، أشارت نائبة المتحدث باسم اليونيفيل، كانديس أرديل، في حديث صحافي، إلى أن 5 جنود من حفظة السلام أصيبوا في 3 حوادث منفصلة في مقرات اليونيفيل، كما أصيب 15 آخرون بأعراض بعد استنشاقهم دخانا مجهول المصدر أطلقه الجيش الإسرائيلي في بلدة رامية اللبنانية في 13 تشرين أول، مما تسبب في تهيج الجلد وأعراض معوية.