بعد 9 سنوات من أزمة النفايات الشهيرة عام 2015، بات يمكن الحديث عن قطاع جديد في لبنان، وإن كان في طور التشكيل، يتمثّل بإدارة النفايات التي تدّر أرباحاً. فتراكم النفايات في الشوارع وعدم نجاح الحكومات المتعاقبة على وضع حلول مستدامة، دفع الجمعيات البيئية والناشطين إلى إقامة الحملات لتوعية المواطنين حول أهمية الفرز من المصدر.
مؤسسة العمل
ورغم أهمية هذه الخطوة إلا أنها لم تكن كافية، فبعد الفرز يأتي دور نقل النفايات وكبسها وفرمها وإعادة تدويرها. وهكذا تحول عمل شركة "إدارة نفايات لبنان" من مبادرة فردية تُشجع على الفرز وتسعى لحماية البيئة من مخاطر تكدس النفايات، إلى شركة تجارية تبغي الربح من خلال إدارة النفايات الصلبة الجافة غير الطبية أو الخطرة كالورق والنايلون والبلاستيك والألمنيوم والإلكترونيات والحديد والتنك وغيرها"، وفقاً لرئيس الشركة بيار بعقليني.
ويوضح بعقليني، في حديث لموقع "نفس" أن "المبادرة التي انطلقت قبل 4 أعوام، بان لديها 40 موظفاً موزعين على أربعة فروع، ويُقسّم عملهم بين الفرز والكبس والفرم". ويؤكد بعقليني أن "الشركة لن تقف عند هذا الحدّ بل ستعمد إلى توسعة أعمالها مستقبلاً لتشمل إعادة التدوير."
الوصول إلى النفايات
وحول كيفية الوصول إلى النفايات، يلفت بعقليني إلى أن "ثمة طريقتين، الأولى من خلال الاتفاق مع المواطنين بأن تقوم الشركة بأخذها من منازلهم، على أن يكون ثمن هذه النفايات مقابل خدمة التوصيل إلى المركز، وبهذه الحالة لن يتمكن المواطن من جني الأموال من النفايات إلا أنه يُساهم بعمل بيئي". ويلفت بعقليني إلى أن "الطريقة الثانية، هي أن يقوم المواطنين بجلب النفايات المُفرزة إلى مركز الشركة التي تستقبلها وتزنها وتسعرها، وتدفع لهم الأموال مقابلها".
ويؤكد بعقليني أن "سعر الكيلو الواحد من النفايات يتراوح بين 3 آلاف و50 ألف ليرة بحسب نوعها"، موضحاً أن "هناك قسم كبير من المواطنين يتبرعون بهذه الأموال إما للشركة أو لجمعية Kids First لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان".
أما الخطوة الثانية، فتتمثل في إعادة فرزها في مركز الشركة، إذ أن فرز المواطنين قد لا يكون كافي، فضلاً عن أن "هناك أنواع مختلفة ضمن الصنف الواحد، كلّ منها يُعالج بطريقة مختلفة عن الأخرى". وتأتي الخطة الثالثة المتمثلة بـ"الكبس أو الفرم". ليُصار بعدها إلى إرسال هذه النفايات إلى المصانع لتعيد إنتاجها أو تُصدَّر إلى الخارج.
تحديات وعوائق
تمكّن بعقليني من تطوير مبادرته لتصبح شركة ربحية لم يكن أمراً سهلاً بالنسبة إلى جمعية "فكر وإنسان" البيئية التي تدير النفايات الصلبة في مركزها في بلدة معركة منذ عام 2017. فوفقاً لرئيسها حسن حجازي، واجهت مبادرة الجمعية "الكثير من العوائق والتحديات التي بدأت بانتشار جائحة كورونا، مروراً بالأزمة الاقتصادية عام 2019 وما تبعها من ارتفاع تكلفة المحروقات والصيانة، وصولاً إلى الحرب في الجنوب التي تقييد حركتنا."
ورغم قلّة الموارد ما زالت الجمعية مصممة على السير بالمبادرة "بانتظار الفرصة المناسبة لتطويرها، إذ أن هدفنا بيئي ولا يمكن التراجع عنه". ويشكو حجازي، في حديثه لموقع "نفس"، من "تحكّم بعض الشركات بالسوق والأسعار من خلال احتكارها تصدير النفايات"، مشيراً إلى أن طن الكرتون كان عام 2018 بـ90 دولاراً إلا أنه انخفض في العام الحالي لـ 40 دولاراً، رغم تضاعف أسعاره في البورصة العالمية".