هي حكاية "إبريق الزيت" بكل معنى الكلمة، وأشبه بقصة سمجة بدأت منذ أكثر من عشر سنوات، وتحديدًا في عام 2014، تاريخ آخر دفعة لتفريغ متعاقدين في الجامعة اللبنانية. منذ ذلك الحين، يواجه الأساتذة المتعاقدون مماطلة وتسويفًا حالا دون حصولهم على حقهم في التفرغ، بحجة الإمكانات المالية الضعيفة تارة، والتوازن الطائفي تارة أخرى، في مؤسسة كان يفترض أن تبعد اللبنانيين عن التعصب الطائفي. وهكذا، بات حلم "التفرغ" بعيد المنال إلى درجة أن الكثير من الأساتذة تقاعدوا، أو هاجروا، أو حتى فارقوا الحياة قبل الوصول إليه.
جديد هذه القضية هو الاجتماع الذي عُقد، أمس السبت، بين وفد من الأساتذة المتعاقدين ووزيرة التربية ريما كرامي، في محاولة للاستفادة من العهد الجديد الذي يرفع شعارات الإصلاح وإحقاق الحق. مطالب الأساتذة واضحة: ضرورة الالتزام بالقانون الذي ينص على ألا تقلّ نسبة الساعات التعليمية المسندة إلى متفرغين عن 80%، بينما يشكل المتفرغون حاليًا نحو 20% فقط، في حين تبلغ نسبة المتعاقدين 80%، مما يجعل التفرغ ضرورة قانونية وليس مجرد مطلب وظيفي. كما طالبت اللجنة برفع أجر الساعة للمتعاقدين الذين لن يشملهم ملف التفرغ.
من جهتها، أشارت عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين، هانية فقيه، في حديث لـ"نفس"، إلى أن "مطالبتنا واضحة بإقرار ملف التفرغ الموجود منذ سنوات في أدراج وزارة التربية، وهو تأخير أدى إلى هجرة العقول والكفاءات بحثًا عن سبل عيش كريمة". وأضافت فقيه: "خلال العام الدراسي 2021-2022، لم تتجاوز قيمة رواتبنا السنوية 200 دولار، وفي العام الدراسي 2022-2023 لم تتجاوز 500 دولار. أما اليوم، فقد أصبح بدل الساعة 20 دولارًا، ومعدل الساعات للأستاذ نحو 200 ساعة سنويًا، أي ما يعادل 4000 دولار في السنة قبل اقتطاع ضريبة الدخل، وهو رقم هزيل جدًا".
في المقابل، وعدت كرامي بوضع خطة إصلاحية للجامعة تتضمن ملف التفرغ، خلال مدة تتراوح بين شهر وشهرين، لكن من دون الركون إلى العقلية والمقاربة القديمة. كما أكدت أن "الحكومة الجديدة تعمل على عدة أولويات، من بينها تعديل سلسلة الرتب والرواتب".
لكن يبقى السؤال: هل يستطيع المتعاقدون الانتظار أكثر؟